أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة
الشبهة: كيف يكونان من كهول أهل الجنة وأهل الجنة يكونون شبابًا؟
الرد: قال ابن الأثير: "الكَهْل من الرِجال مَن زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين.
وقيل: من ثلاث وثلاثين إلى تمام الخمسين.
وقيل: أراد بالكَهل هاهنا الحليمَ العاقِلَ.
وفيه: «أنّ رجلًا سألَه الِجهاد معه؟ فقال: هَلْ في أهْلِك مِن كاهِل», يُروى بكسر الهاء على أنه اسم, وبِفَتْحِها على أنه فَعْل, بِوَزن ضارِبٍ وضارَبَ, وهما من الكُهولة, أي: هل فيهم مَن أسَنَّ وصار كَهْلًا.
كذا قال أبو عُبيد, وردّه عليه أبو سعيد الضَّرير, وقال: قد يَخْلُف الرجلَ في أهله كَهْلٌ وغيرُ كَهل في المُلِمَّات, وسَنَدُهم في المُهِمَّات.
ويقولون: مُضَرُ كاهِل العرب, وتميم كاهِل مُضَر, وهو مأخوذ من كاهِل البَعير, وهو مُقَدَّم ظَهْره, وهو الذي يكون عليه المَحْمِلُ.
وإنما أراد بقوله: «هل في أهْلِك» مَن تَعْتمِد عليه في القِيام بأمْرِ مَن تَخْلُف من صِغارِ وَلَدِك؛ لئلاّ يَضِيعوا, ألاَ ترَاه قال له: «ما هُم إلاّ صبِيَة صِغار, فأجابه وقال: ففِيهم فجاهِدْ».
وأنكَر أبو سعيد الكاهِل وزَعم: أن العرب تقول للذي يَخْلُف الرجلَ في أهله ومالِه: كاهِنٌ بالنون,
وقد كهَنَه يكْهُنُه كُهُونًا, فإمَّا أن تكون اللام مُبْدَلة من النون, أو أخْطَأ السامعُ فظَنَّ أنه باللام, وفي كتابه إلى اليمن في أوقات الصلاة والعِشاء: «إذا غاب الشَّفَقُ إلى أن تَذْهب كَواهِلُ الليل» أي: أوائِلُه إلى أوْساطه, تشبيها لِلَّيل بالإبِل السائرة التي تتقدّم أعْناقُها وهَوادِيها, ويَتْبَعُها أعجازُها وتَوالِيها, والكَواهِل جَمْع كاهِل, وهو مُقَدّم أعْلى الظَّهْر, ومنه: حديث عائشة: «وقَرّرَ الرُّؤوسَ على كَواهِلها» أي: أثْبَتَها في أماكِنها كأنها كانت مُشْفِيةً على الذَّهاب والهَلاك".
[النهاية (ص:818), والفائق (3/ 288), لسان العرب (11/ 601), غريب الحديث لابن قتيبة (1/ 322)].
وقال المناوي في فيض القدير: "المراد بالكهل هنا الحليم الرئيس العاقل المعتمد عليه, يقال: فلان كهل بني فلان, وكاهلهم أي: عمدتهم في المهمات, وسيدهم في الملمات, على أن ما صار إليه أولئك من أن الكهل من ناهز متفق عليه, ففي النهاية: الكهل من زاد عن ثلاثين إلى أربعين, وقيل: من ثلاث وثلاثين إلى خمسين, وفي الصحاح: من جاوز الثلاثين وخطه الشيب" [فيض القدير (1/ 89)].
لا يوجد حالياً أي تعليق